وزارة التعليم و الدارسين ... تحدي و استخفاف !

ساخرة  "ها باقي متفائل يابو العصر الذهبي انت!!". و أنا هنا لن أناقش شخص بعينه و لا يهمني ذلك، و إنما سأناقش الأمر الأكثر أهمية و هو القرارات المضحكة تجاه الدارسين على حسابهم الخاص التي تغلفت بغلاف " مكرمة ".

لا توجد مكرمة و لا قرارات!

النقطة الأولى التي ينبغي التوقف عندها أنه لا توجد من الأصل لا مكرمة و لا قرارات في مصلحة الدارسين على حسابهم! فـــ نص القرار أنه يُضم للبعثة الدارسين "مكتملي الشروط"، و لا أعلم بأي منطق يتم استخدام مفردة "مكرمة" لمن استوفى شروط الانضمام! مكتملي الشروط لا يحتاجون إلى مكرمة فـــ وِفقَ نظام الابتعاث هو حق من حقوقهم. و هذه الخطوة في ظني هي استغفال كبير للطلبة و استخفاف بعقول الجميع! و قد غفلت الوزراة بأنها تتعامل مع طلبة علم و باحثين و ليس مجموعة من البسطاء السذج الذين يتم استغفالهم بمجموعة من الكلمات المنمقة!

ماذا بعد الفصلين الدراسيين لمرحلة اللغة؟ 

أما القرار الأكثر عبثاً و استخفافاً فهو مساعدة طلبة مرحلة اللغة الإنجليزية بدفع رسوم فصلين دراسيين! فلو كانت أنظمة المعهد تنص على أن الفصل الدراسي عبارة عن شهر واحد و بقيمة 800 دولار فستتكرم الوزارة بدفع 1600 دولار اي مايعادل 6000  ريال كمساعدة. و قد نسيت أو تناست تلك الوزارة عدة أمور مهمة أولها: مصاريف المعيشة و مصاريف التأمين و المواصلات و الكتب التي سيتحملها الطالب خلال هذه الفترة. و ثانيها بل و أهمها ماذا سيفعل بعد انتهاء هذين الشهرين ؟!! هل سيعود أدراجه إلى السعودية محملاً بخيبات وعود الانضمام وفق النظام المتعارف عليه سابقا؟ هل سيعود ليكون قنبلة موقوتة في المجتمع عاطلاً عن الدراسة و التحصيل العلمي و العمل الوظيفي لتبدأ بعدها مرحلة جديدة من رمي الاتهامات على وزارة العمل و التوظيف و خلافه؟! فعلاً هو قرار غير مفهوم و مضحك، و الأسوأ أنه يتعامل مع الطلبة باستخفاف كبير و كأنك ترمي قطعة لحم صغيرة لقطتك الأليفة في المنزل.

وزارة التعليم ليست شركة خاصة

في لقاء مع وزير التعليم الدكتور عزام الدخيل يحكي عن اللحظات الأولى بينه و بين الأمير محمد بن سلمان حول خبر تعيينه وزيراً للتعليم يقول: " قلت له طب أنا ما قد اشتغلت في الحكومة و أنا قطاع خاص". و فعلاً هذا ما أثبتته الفترة الماضية من قيادة الوزارة كما لو كانت شركة. في الشركات قد يحصل أحياناً أن تطرد مجموعة من الموظفين لتنقذ الميزانية، و تقول لنفسك لتريح ضميرك أنا لست مسؤولاً عن حياة الجميع. و لكن التعامل مع قرارات حكومية تمس أوضاع الناس الشخصية أمر مختلف تماما. فالحساسية هنا أكبر و المسؤولية أعظم بكثير و ينبغي أن تكون القرارات أقرب للناس منه إلى مصلحة الوزارة.

أهلاً بالتقنين و التطوير و لكن ليس على حساب الناس و حياتهم الشخصية

ملاحظ جداً أن الوزارة الجديدة تحاول أن تضع تنظيماً و تقنيناً لبرنامج الابتعاث و هذا شيء مرحب به و بالعكس كلنا معه في مسيرة التطوير. و لكن ليس على حساب الناس و أحوالهم الشخصية! خصوصاً هؤلاء الذين ارتحلوا من السعودية بناءً على وعود و عهود و أنظمة متعارف عليها بضم الطالب بعد أربعة شهور من الدراسة على حسابه الشخصي. و إنني أتساءل بحرقة و ألم... ما ذنب الطالب الذي غادر السعودية و صرف أمواله و وقته أملاً في الانضمام وفق النظام القديم للابتعاث ثم عندما تتغير الوزارة يتضرر كل هذا الضرر؟! و الله إني أعرف من الطلبة من باعوا سياراتهم و ممتلكات لهم و تركوا وظائفهم و أعمالهم أملاً في الابتعاث ثم هم الآن ينظرون باندهاش إلى وضعهم الحالي المؤسف الذي ربط مصائر الناس و منع عنهم ما كانوا موعودين به خلال فترة سابقة.

هذا التحدي الصارخ لأنظمة الابتعاث يسبب الكثير من الضرر للدارسين على حسابهم الخاص. فلو شعرت الوزارة الجديدة أن هناك لخبطة و عشوائية فــ لتسعى في ترتيبها و لكن ليس على حساب الناس و مصالحهم ! الطلبة لا يطلبون الكثير، و إنما يطالبون بقرار حكيم عادل يعطي الناس حقها التي وُعدت به خلال الفترة الماضية. نحن جميعاً مع تطوير الابتعاث و لكن المنطق يقول أنك لا تستطيع أن تطور شيئاً وسط كل هؤلاء المتضررين. الحقوا جميع الذين غادروا السعودية من الطلبة للبعثة ثم طوروا برنامج الابتعاث ما شئتم. و نحن حينها سنكون جميعاً معكم قلوباً و أرواحاً .

بندر محمد مقري

شيكاغو – الولايات المتحدة الأمريكية