•   info@saudiusa.com
آلهة المجتمع و عباءة المرأة
( 0 Votes ) 
23 نيسان 2015

آلهة المجتمع و عباءة المرأة

محمد أحمد الياسين

تنتشر الآلهة البشرية في ذلك المعبد الذي يتسع لأحكامهم جميعا ألا وهو المجتمع . يختلف كل إله عن غيره في إصدار حكمه نظرا لبيئته المصغره _ البيت_ أو أيدلوجية فكره _منفتحة أو منغلقة _ بالإضافة لقوته أو ضعفه إجتماعيا التي قد تشكل ثقلا في ترسية آراءه أو تركها . إن من أشد الاضرار التي تفتك بالمجتمع مراقبة الناس بعضهم بعضا، والايمان بأن كل مايقال حقيقة و خاصة حينما يُنقل من جهة تعتبر مرموغة أو ذات ثقل

اسمي دون تحري كما ورد في الاية الشريفة ( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على مافعلتم نادمين )، أو الترك من باب اولى. فالاية جاءت صريحة و واضحة {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الزمر: 7]. فبما أننا لسنا محاسبين بل لسنا مُسائلين عن اخطاء غيرنا، فلما نُقحم انفسنا في ما لا يعنينا ؟!

 


يقول الدكتور الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله: الناس تميل لسماع الفضيحه وتنفر من سماع النصيحة. في الواقع هناك شغف لدى بعض العقليات الهزيلة _ اتباع تلك الالهة _ بتتبع أحوال الخلق من غريب و من بعيد فتجدهم يستأنسون لسوء أو منقصة ظهرت على احد في محيطهم استئناس الطفل بمحالب امه و يتسابقون على مضغها بالسنتهم و بثها بين شاكلتهم بل وتضخيمها اكثر . بطبيعة الحال و بما اننا نبجل ادم و نرفعه دون حواء , فلها النصيب الاكبر من حصة الأسد لكنها هنا في باب الذم والتشهير مهما اتسع أو ضاق فضاء الخطأ الذي اقترفته أو انها بالاساس لم تقدم عليه . و المضحك في الامر، أن كثيرا من الروايات التي يؤول بها الامر الى باب مسدود كونها عارية من الصحة بريئة كقميص يوسف من الدم غير ان برائتها لا تشكل ثقل ذرة في نظر المحيط إليها فهي مذنبة حين رميت بهتانا ومذنبة حين تجلت برائتها .


في السابق كانت فكرة انخراطها في السلك التعليمي هجمة مرتدة باغتة الاجداد نظرا للتحفظ المبالغ فيه، والذي بطبيعة الحال شكل حاجز دفاع بينها و بين التعليم رغم عدم تعارض الأخير مع الدين من حيث المبدأ . اليوم يسابق الاباء خطوات تحضر الفكر زاجيين بتلك النون في حقول الدراسة غير مكتفين بالمراحل المدرسية و حسب، بل يبذلون الكثير في سبيل ايداعهن في أروقة الجامعات . من التعليم العام الى الجامعات حتى تسلل نور الابتعاث لتلك البيئة المحافظة _ جدا _ و التي في تفتحها و نهضتها نحو تقويم اسسها علميا وثقافيا مشعلة ضوئها الاخضر لحواء للمضي قدما نحو تحصيل علمي يكفل لها اكتشاف ماهيتها و يدعمها ذاتيا و يحول بينها و بين روح الذكر التي فتكت بها على مدى سنين عجاف قد خلت . بطبيعة الحال و نظرا لايدلوجية المجتمع الذكورية، فإن المرأة المغتربة تقع تحت عدسات المراقبة في حركاتها وسكناتها فهي بالنسبة لهذا الفكر لقمة سائقة و طائر ضعيف من السهل جدا اصطياده عن طريق طلقات القذف والبهتان بشتى أنواعهم , فما إن تبتسم لصديق أو تتحدث مع اخر أوتخرج منها ضحكة عابرة بصوت مرتفع مع صديقاتها دون انتباهها لعبور أحد الالهة خلسة . فهي هنا تكون كمن جعل فرحة عزاء !!


يجب أن  نؤمن أنها  حين خرجت من غموض العباءة الى وسطية الحجاب لا يعني ذلك أنها  نزعت حِشمتها و دينها بما انها حفظتهم و إن اختلف ذلك الحفظ عن السواد الذي لازمها في بلدها . أما بالنسبة لحديثها أو علاقاتها _ في حدود الشرع _ لا يعني حتمية انحرافها فها هي بعبائتها تحادث الحمو و هو الموت كما ورد في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، و تُسلم على زوج الاخت و ابناء القرابة و في بعض الأحيان الجار و ماشابه بحدود الله .


هذه النظره السوداوية عادت بأثار سلبية و ما زالت تعود على فتياتنا مما عزز من فُرص العنوسة و الطلاق و التفكك الاسري كوننا نعيش تحت غطاء يقولون لا تحت مبدا الثقة و احترام الجنس الاخر، ناهيك عن الأضرار النفسية التي تلحق بالفتيات و اكثر من ذلك حين يلوث المجتمع بنشئ ليس له ذنب سوى انه نشأ في بيئة مُلئت بالتفكك المبني على ترهات بثت من هنا و اشيعت هناك. إن الانسان كيان مقدس له حرمته عند خالقه، لكننا اسرفنا في هتك الحرمات اسرافا ادى بنا الى التجرؤ على المولى، وهذا كفل لنا الكثير من الانحلال المجتمعي والتفكك الاسري . مع تطور الزمن و انخراط المراة في المزيج الحيوي زادت تلك الاحكام بذاءة و سعرا بين العقول الملوثة التواقة لهتك الأعراض  ليس لان انخراطها لم يكن صوابا،  بل لأن  تلك العقول اصغر من أن تُدرك تساوي الجنسين. فهي بالأساس لا تمتلك جزءا علويا يسمو بأفكارها فعقولها تعيش أسفل السرة !!


الجدير بالذكر أن هذه الالهة تنقل بتصرفاتها و مسالكها صورة سيئة للدين على وجه الخصوص و للمجتمع الذي غرس فيهم روح الذكر المعصوم على وجه العموم . فهم أينما حلوا و ارتحلوا تجدهم كما اسلفنا سباع تسير لاهثة خلف نقائص الخلق و بثها و الجري خلف اختلاق لقمة تضمن لهم اشباع بطونهم من لحوم و اعراض حرم الله . من المفارقات المضحكة انك تجدهم ينتقدون و يقذفون الفتيات عصرا، و  تحت غطاء الظلام تؤرجحهم الريح و تحتضنهم الغواني و الداليات !!


حينما نؤمن أن المراة تساوي الرجل في الحلال والحرام و نعطيها ما سُلبت وننزع ما غرس في ذهنيته أنها ليست سوى آله تربي وتطبخ , أو آداة لاشباع الرغبات الشهوانية , و أنها حين تنغمس في دهاليز الحياة تمثل ثقلا ودعما للتنمية لا لقمة تتقاذفها الالسن المنحطة و تكبتها العقول المنغلقة , حينها سنجني مجتمعا نقيا تعدى توافه الامور الى عظيمها , متطلعا لغد مشرق يُبنى على أساس متين الا وهو الاسرة التي بطبيعة الحال تتاثر تاثرا طرديا مع معطيات المحيط سلبا وايجابا .

قسم التحرير

محتوى هذه المقالة لا تمثل رأي صفحة سعوديون في أمريكا او فريق عملها وانما تمثل رأي كاتبها

- Twitter - Facebook
قسم التحرير

موعد نزول الرواتب

تم ايداع المخصصات

تسجيل الدخول