«رأيت في الغرب إسلامًا بلا مسلمين»

ودياناتهم. بل إنها أمة سترى فيها شيئاً من الإسلام قد طبقوه، فهذه ابتسامتهم قد نشروها، وهذه أماناتهم قد أدّوها. إنها أمة ترى فيها الإسلام لكنك لا ترى فيها المسلمين، كما قال الإمام محمد عبده رحمه الله عندما ذهب إلى أوروبا ورأى أخلاقهم ونظامهم، وقال بعد ذلك عبارته المشهورة: «رأيت في الغرب الإسلام ولم أر المسلمين…».

لم تكن قصص النجاح هذه إلا بالأخلاق التي قال عنها معلم الخُلقْ الأول صلى الله عليه وسلم: «خالق الناس بخلق حسن»، ورحم الله أحمد شوقي إذ يقول: "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت .... فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا." لقد سبق الإسلام الغرب بقرون، لكن مشكلتنا في هذا العصر هو أننا كثيراً ما نثني على ماضينا ونفتخر به ونعتب على حاضرنا ونيأس منه، ولا نفكر في مستقبلنا ونخطط له. علينا أن نقرأ ونتعلم من ثقافة الآخرين وتجاربهم، وعلينا أن نتبع خطى هؤلاء الناجحين الذين نجحوا في حياتهم حتى نصل إلى ما وصلوا إليه، وليس هذا عاراً، بل العار أن ترى الطريق الصحيح والنور المضيء ثم تعمي بصرك عنه وتتجاهله، علينا أن نضع تلك القطرة البيضاء من التفاؤل والعمل في تلك البحار السوداء من التشاؤم واليأس.

لا تقل لي التغيير محالاً لأننا قرأنا في كتب الحكم والأمثال أن أول الغيث قطرة وأول الشجرة بذرة، و يا لروعة هذا النبي العظيم صلوات الله وسلامه عليه، ألم تسمعه وهو يقول: «إن قامت الساعة و في يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليغرسها»، إنه أمر بالعمل حتى آخر نفس في الحياة، لذا كان لزاماً علينا أن نعمل ونجد ونجتهد لهذا التفاؤل، قال عز من قال: [ وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ]. إن أمتك تنتظر رجلاً يجعل أمته تتغير وتنحرف بزاوية لا تقل عن ١٨٠ درجة نحو التقدم والنمو والتطور في شتى ميادين الحياة. فهلّاَ كنت ذلك الرجل المقصود؟!