•   info@saudiusa.com
( 2 Votes ) 
3 آب 2015

الاستدامة العاطفية

 

المقالة الحائزة على جائزة المركز الأول ضمن مسابقة سعوديون في امريكا الرمضانية لفئة المقالات
"الاستدامة العاطفية"

 

سعد الغامدي

 

في عالم العلاقات الزوجية قد يكون هناك إحدى أمرين، إما علاقة ناجحة أو أخرى فاشلة، وبينهما علاقات تتصارع مع أمواج التحديات ساعية للوصول إلى المثالية أو بائسة مستسلمة لتغرق في محيط الفشل المجهول. معادلة صعبة سهلة، غامضة واضحة الملامح، نتباهى بمعرفتها حق المعرفة بينما تتشدق هي بجهالتنا وقلة وعينا أحياناً.

 

الاستدامة هي نظرية مهمة وجوهرية في أساس أي مشروع ناجح، والزواج هو بحد ذاته مشروع أُسري عاطفي. وتقوم هذه النظرية على التخطيط السليم البعيد المدى، مشكلتنا أننا دائماً ما نبحث عن النتائج السريعة قصيرة المدى، حتى في تجارتنا نبحث عن الربح المادي السريع المتلبس بالأنانية بغض النظر عن المستقبل أو العوامل المحيطة. بل أن البعض لا تتعدى نظرته أبعد مدى من ظِل جسده. الاستدامة العاطفية في العلاقات الزوجية تتمثل في التنوع في الأسلوب والاستمرارية في انتاج الحب والعطاء مع مرور الوقت لتدوم.

 

ابتعاثنا إلى الولايات المتحدة فتح أمامنا تحدي جديد لقياس متانة علاقاتنا الزوجية. فأجزم بأن الكثير من المتزوجين وأنا منهم، كنا نظن بأن مرحلة زواجنا التي قضيناها قبل رحلتنا الدراسية مجهولة الملامح أصعب مرحلة كبداية لتلك العلاقة، مثلها مثل أي مشروع يحتاج لجهد وعطاء في بداياته حتى ينهض ويستمر، لكنّا وجدنا القصة مختلفة تماماً!

 

فالتحديات أكبر، والعلاقة الزوجية تحتاج استراتيجية وأسلوب مختلف. البدايات ليست بتلك السهولة، بل تتطلب من كلا الطرفين أن يتفهم متطلبات هذه الشراكة وأنها باتت تقتضي أسلوباً حياتياً آخر ورؤية مختلفة. فالتنازلات لم تعد نفسها التنازلات ولا أسلوب الحياة هو نفسه، فتغير الزمان والمكان جديران بأن يعصفا بأي علاقة إلى مهب الريح. يجب أن تكون هذه الغربة دافعاً لجعل علاقتنا أقوى وأمتن، وهذا لم ولن يحدث إلا باستدراك الشريكين لحساسية هذه التجربة. والسر في ذلك يكمن بالبحث عن الاستدامة بجميع جوانبها سواء العاطفية، أو الأسرية، أو حتى الاجتماعية. عندها سيجد كلاً من الطرفين نفسه وجهاً لوجه أمام مصير وهدف واحد لا يحتمل استسلام طرف أو تحكم طرف آخر. لا تعدوا على الآخر تنازلاتكم وعطائكم، لا تنتظروا رد الجميل فأنتم تستثمرون في مشروع العمر، اقبلوا التغيير ولا تستسلموا للظروف. لنجعل من المصارحة باب ود يقفل فرصة تعكير صفو علاقتنا مع من نحب. لنسأل الآخر عن احتياجاته ولا نجزم دوماً بأننا نعرفها حق المعرفة، اقبل شريكك كما هو ليتقبلك كما أنت. في الغربة ... أنت كرجل ستكون الزوج والأب والأخ والصديق لمن تحب، و أنتي كزوجة ستكونين لمن تُحبين الملاذ والملجأ. ولنعلم أن الاحترام والحلم لغة الراقين، الاعتذار والهدية مفتاح القلوب، الشكر والكلمة الطيبة بلسم النفوس، والجزع والغضب من الشيطان.

 

الحب الصادق الناجح يحتاج إلى حكمة وعقل ومشاعر صادقة من القلب وعلاقة قائمة على المصارحة مع الذات ومع الشريك الآخر تتطلع لغد أجمل لا إلى حاضر سعيد الملامح مجهول الغد و لا حتى العكس. الحب أحياناً يحتاج إلى حكمة المجانين لا إلى فلسفة العقلاء. باختصار ... الزواج هو مشروع متناقض يحتاج لصبر عاجز وتفاهم صادق بالإضافة إلى تعاون وتنازلات كي ينجح، يتطلب تنوع وتجديد مستمر واعي ومدروس ليستديم ... حينها قد نصل للمثالية المعدومة!!
 

قسم التحرير

محتوى هذه المقالة لا تمثل رأي صفحة سعوديون في أمريكا او فريق عملها وانما تمثل رأي كاتبها

- Twitter - Facebook
قسم التحرير

موعد نزول الرواتب

تم ايداع المخصصات

تسجيل الدخول