الأندية الطلابية لتعليم اللغة العربية
الكاتب: رائد الحربي
طالب الهندسة الميكانيكية في جامعة كانساس
قدمت إلى الولايات المتحدة و أنا مستشعرًا في داخلي مسؤولياتٍ عدة تجاه بلدي و مجتمعي و هويتي وذلك من أجل أن أمثلهم خير تمثيل . و في الأسبوع الأول من وصولي إلى أمريكا ، وُفِقت في أن تعرفت بالصدفة على مجموعة طلاب أمريكان يرغبون في تعلم اللغة العربية ، فحظيت في فرصة مساعدتهم على التعلم على أن يساعدونني في تعلم اللغة الإنجليزية . فكنت أقابل أكثر من ٢٠ شخص في الأسبوع و أكثر من واحد في اليوم لتبادل اللغات و المعرفة . و حينما بدأت الدراسة الجامعية ، عملت بشكل رسمي بمقابل و بدون مقابل لمساعدة الطلاب على تعلم اللغة العربية . و من خلال تجربتي هذه ، وجدت أن معظم من تعرفت عليهم من أولئك الطلاب قد زاروا مناطق عربية لممارسة اللغة هناك . فكانوا يذهبون إلى معاهد تعليم العربية كلغة ثانية في الأردن و مصر و المغرب و لبنان و عمان ، ولكن للأسف لم يذهب أيٌ منهم إلى المملكة العربية السعودية ، و حينما كنت أسألهم عن سبب عدم ذهابهم إلى هناك كان الجواب ( بعثاتنا ليس لديها تنسيق مع مراكز في المملكة ) . يحز في خاطري كثيرًا أننا بلدٌ عربيٌ غنيٌ و لدينا إمكانياتٌ كبيرة جدًا ولدينا جامعات تنافس على مستوى المنطقة و لا يوجد لدينا ذات الاهتمام في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها . و لكن ، طالما أن العمل على تجهيز و تهيئة هذه المراكز قد يستغرق وقتًا طويلًا من حيث إيجاد البرامج القوية و تهيئة الأماكن السياحية و ما يتبع ذلك من تنظيمات ، فإنني اقترح أن نقوم باستغلال التواجد الكبير للمجتمع السعودي في أمريكا ، من خلال تهيئة الأندية الطلابية السعودية المنتشرة للاهتمام بهذ الجانب . فلو كان جزءًا من مسؤوليات النادي العمل على تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها ، سنجد أننا قد تركنا لنا بصمة في المجتمع الأمريكي . فلو فرضنا أنه لدينا ٣٠٠ نادي طلابي في أمريكا ، وكل نادي ساعد أربعة طلاب في الفصل الدراسي الواحد ، فإننا سنكون قد علمنا ٢٤٠٠ طالب غير ناطق للغة في السنة الدراسية الواحدة . هذا الرقم أكثر من مجموع عدد الطلاب الأمريكان الذين يسافرون للبلدان العربية لتعلم اللغة هناك .
و فوائد مساعدة الأمريكان على تعلم اللغة العربية عديدة ، فبالإضافة إلى أنه واجبنا تجاه اللغة العربية أن نعلمها و ننشرها للآخر ، فإننا نشارك شيئًا من هويتنا و حضارتنا السعودية مع الآخر . ففي تعلم اللغات ، نقلٌ للثقافة و تعريفٌ بالهوية ووسيلة مباشرة للتواصل بين المجتمعات . فتكوين علاقة مباشرة بين الشعوب ، يساعدنا في ثبات العلاقات بين البلدان حتى لو تغيرت الظروف الإقتصادية أو الأسماء السياسية ، و لنا في تغير الرئاسة الأمريكية خير دليل على ذلك حيث ضعفت ثم قوت العلاقة بعد فقط تغير الأسماء السياسية و ذلك لضعف العلاقة المباشرة بين الشعبين . و كذلك نضمن وصول معلومات غير مغلوطة عن مجتمعنا السعودي من خلال أبنائنا المبتعثين .
تطبيق مثل هذا المشروع يحتاج إلى مبادرة و تكاتف بين وزارة التعليم ووزارة الإعلام ، حيث أن هذه المبادرة تلزم وجود طاقم مشرف و معلومات مساعدة جاهزة وطلبة مدربين على كيفية تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها . هذه المبادرة و إن كانت مكلفة ، لكننا سنجني من وراءها الشيء الكثير . و كذلك ، توجيه الأندية لتقديم خدمة للمجتمع سيكون أكثر إثراءًا لها من تقديم خدمات قد لا تكون مناطة لها بالأساس ، و سيعطيها فعالية أكبر في داخل الحرم الجامعي . هذا العمل لا يجب أن يكون عشوائيًا بل يجب أن يكون منظمًا و بتنسيق بين الأندية و الجامعات . فعلى سبيل المثال ، من الممكن أن تكون مسؤولية النادي السعودي استلام مسؤولية ساعة المساعدة للطلاب الدارسين للغة العربية Arabic Help Room و التي توفرها معظم الجامعات و مهمتها بسيطة جدًا حيث تتطلب التواجد فقط . فالأندية السعودية من الممكن أن نستخدمها كمنصات إعلامية نتواصل بها مع المجتمع الأمريكي بشكل مباشر .
للغة العربية مسؤولية على عاتق الجميع ، و طالما أننا نملك كامل الإمكانيات و الموارد البشرية ، فإننا نعتبر مقصرين تجاهها ، و مقصرين تجاه تمثيل وطننا خير تمثيل من خلال تعليمها للآخر في الخارج.